مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني، افتتح وزير الاستثمار مثنى الغرايبة، صباح اليوم الأربعاء، فعاليات مؤتمر الاستثمار الخليجي الأردني الأول، الذي تنظمه غرفة تجارة الأردن واتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي.
ويناقش المؤتمر الذي يعقد بمركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات بمنطقة البحر الميت، ويحمل شعار "شراكات، استثمار، تكامل اقتصادي"، آفاق التعاون والاستثمار بالعديد من القطاعات الاستراتيجية الواعدة التي توفرها المملكة.
ويعتبر المؤتمر منصة لاستعراض آفاق تعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية بين الأردن ودول الخليج العربي، والبناء على قصص النجاح التي حققتها الكثير من الاستثمارات الخليجية بالمملكة بقطاعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
ويشتمل على جلسات متخصصة ذات علاقة بالقطاعات التي يتمتع الأردن بها بنقاط قوة وبخاصة السياحة وتكنولوجيا المعلومات والتعدين والصناعات الإبداعية والطاقة.
وسيعقد على هامش المؤتمر الاجتماع الــ (65) لمجلس إدارة اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يلتئم لأول مرة خارج دول الاتحاد، ما يعكس عمق العلاقات التي تربط المملكة مع دول الخليج العربي.
ونقل الوزير الغرايبة تحيات جلالة الملك للمشاركين في المؤتمر، مُشيداً بمستوى العلاقات المتميزة بين الأردن ودول الخليج، التي وصفها بالنموذج الذي يحتذى به في التعاون العربي المشترك، لا سيما في المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
وقال إن جلالة الملك أكد خلال لقاءاته مع كبرى الشركات والمستثمرين العرب والأجانب، أن استقطاب الاستثمارات يعد أولوية للاقتصاد الأردني، كما أكد على الاستمرار في تنفيذ خطط التحديث الاقتصادي والإداري لتحسين بيئة الأعمال لتكون أكثر جذبا للاستثمارات.
وأضاف أن الأردن وبتوجيهات ملكية سامية، حريص على إيلاء الاستثمارات الخليجية بالمملكة العناية التامة وتوفير كل التسهيلات وتحفيزها للحضور على خارطة الاستثمار الأردنية، خاصة مشروعات الهيدروجين الأخضر والمياه والنقل والمدن الترفيهية والصناعات عالية القيمة.
وأكد أن الاستثمارات الخليجية هي الأعلى، اذ تمثل حوالي 40 بالمئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الأردن، موزعة على قطاعات استراتيجية كالصناعة وتكنولوجيا المعلومات والطاقة والزراعة والسياحة والخدمات المالية.
وأوضح الغرايبة أن الأردن يمثل بوابة اقتصادية واعدة تتيح للمستثمرين الخليجيين والعالميين الوصول إلى أسواق بحجم 50 تريليون دولار، بفضل شبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة التي يتميز بها.
وأشار الى ان الأردن نجح في بناء قطاع تكنولوجيا ومعلومات واتصالات واعد وينمو باستمرار وهو الأقوى على مستوى المنطقة، حيث استفادت شركات عالمية عملاقة من تنافسية المواهب البشرية الأردنية ونمت الوظائف الممكنة رقمياً في الأردن بنسبة 19 بالمئة خلال السنوات الأخيرة.
وقال إن الأردن حقق المرتبة 11 عالمياً في توفر المواهب والمهارات الرقمية والتكنولوجية، والمرتبة الثانية على مستوى المنطقة والاقليم في مجال البيانات الكبيرة والتحليلات.
وأوضح أن الفرص الاستثمارية في المملكة غنية ومتنوعة في مختلف القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والتي حددتها رؤية التحديث الاقتصادي 2033، كالصناعات عالية القيمة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخدمات المستقبل والصناعات الابداعية.
واشار الى قطاعات الرعاية الصحية والسياحة والسياحة العلاجية والطاقة والمياه والنقل وسكك الحديد والقطاع اللوجستي والتجاري، بالإضافة للمشاريع الكبرى، والتي تتمتع بحزمة من الحوافز والمزايا الاستثمارية والتسهيلات التي تقدمها وزارة الاستثمار وتعمل على تعزيزها وتمكينها في المملكة.
وجدد الوزير الغرايبة دعوته لتعزيز الاستثمارات الخليجية بالمملكة، مؤكداً التزام الحكومة بتسهيل إجراءات الاستثمار وتقديم الحوافز اللازمة، وتهيئة كل الممكنات لانجاحها وتسهيل أعمالها.
من جهته، عبر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم محمد البديوي، عن تقديره وشكره لجلالة الملك عبدالله الثاني لرعايته الكريمة للمؤتمر، وللأردن لما قدمه من تسهيلات ومساندة لتنفيذ خطط العمل المشتركة والتي تم الاتفاق عليها في إطار الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والمملكة، معربا عن أمله بمزيد من الترابط والتعاون والتكامل، لتحقيق المصالح المشتركة للجانبين.
وقال إن المتطلع للعلاقات الخليجية الأردنية سيلاحظ وبشكل جلي عمق هذه العلاقة التاريخية والمصالح المشتركة بين دول المجلس والمملكة حيث أسست هذه العلاقة من فترة طويلة وتم تأطيرها بتأسيس الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين واعتماد خطة العمل المشتركة للتعاون بين الجانبين (2020-2025)، انطلاقاً من العلاقات التاريخية العميقة بينهما.
ولفت الى أن "حجم ومستوى العلاقات الاستراتيجية الأردنية الخليجية وقوتها ومتانتها على المستوى السياسي والأمني ليس منعكساً على العلاقات الاقتصادية المرجوة، فبرغم قوة علاقاتنا الاقتصادية إلا أنه يتوجب علينا العمل بشكل حثيث لتقوية هذه العلاقات حتى تستفيد الشعوب الخليجية والأردنية لا سيما وأنه تتوفر لدنيا كافة عناصر النجاح للعلاقات الاقتصادية المرجوة".
واضاف "شهدت العلاقات التجارية بين دول المجلس والأردن نمواً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري من 2020 وحتى 2023 أكثر من 36 مليار دولار، منها صادرات بقيمة 26 مليار دولار لدول الخليج العربي، متوقعا زيادتها بالسنوات المقبلة بفضل التعاون الاقتصادي المستمر بين الجانبين".
وتابع "اليوم نطمح إلى تعزيز تيسير التجارة وتحفيز الإمكانيات لتنمية التبادل التجاري وتعظيم حجمه فيما بيننا، بالإضافة إلى تعزيز التعاون والاستثمار في تجارة الخدمات ومجالات التجارة الإلكترونية والتقنيات المالية، والسياحة، وتنمية التجارة الرقمية بين الجانبين".
وذكر أن الاستثمار الخليجي في سوق عمّان المالي يحتل المرتبة الأولى من بين الاستثمارات العربية والأجنبية في الشركات المساهمة العامة المدرجة في البورصة بما يتجاوز قيمته 4 مليارات دولار، بينما تبلغ الاستثمارات الأردنية في اسواق المال الخليجية 700 مليون دولار خلال عام 2021.
وبين أن هذه الأرقام والمؤشرات تدل على الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن نحققها معاً من خلال تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي، مؤكدا أن الجانبين اليوم أمام فرصة تاريخية لتعزيز الشراكات وتوسيع آفاق التعاون بما يخدم مصالح الشعوب ويدعم استقرار وازدهار المنطقة.
وقال إن إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي بلغ 2.1 تريليون دولار عام 2023، بينما بلغت القيمة السوقية لأسواق المال الخليجية مجتمعة بنهاية العام الماضي أكثر من 4.4 تريليون دولار ما يجعلها في المركز 7 بين أكبر 10 أسواق عالمية.
وأكد أن قيمة مجموع الأصول الاحتياطية الأجنبية لدى مجلس التعاون الخليجي بنهاية العام الماضي بلغت ما يقارب 747 مليار دولار وبنسبة نمو 4.4 بالمئة مقارنة مع 2022، فيما بلغ إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد لدول المجلس 649 مليار دولار.
وتابع "يمثل مجموع أصول صناديق الثروة السيادية بدول مجلس التعاون الخليجي ما يعادل 34 بالمئة من مجموع أصول أكبر 100 صندوق سيادي في العالم، حيث تقدر قيمة الأصول المالية للصناديق السيادية بالدول الأعضاء بنحو 4.4 تريليون دولار.
وحسب البديوي يقدر حجم الاقتصاد الرقمي في دول مجلس التعاون بنحو 118 مليار دولار أميركي لعام 2022 ، فيما حققت دول المجلس المراتب الست الأولى في مؤشرات الاقتصاد الرقمي العربي للعام 2024.
من جانبه، أعرب رئيس اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس، عن تقديره لجلالة الملك عبدالله الثاني، لرعايته الكريمة للمؤتمر ما يجسد عمق ومتانة العلاقات الخليجية الأردنية على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية.
وقال، إن المؤتمر يأتي تأكيداً للعلاقات الخليجية الأردنية المثمرة في ظل النمو المطرد في العلاقات الاقتصادية بين دول المجلس والأردن، حيث شهدنا خلال الفترة الماضية توقيع اتفاقيات للشراكة الاقتصادية لتحرير التبادل التجاري السلعي والخدمي بين الجانبين.
وأضاف الرواس، تأتي الاستثمارات الخليجية على رأس قائمة المستثمرين غير الأردنيين في المملكة بمختلف القطاعات الاقتصادية، حيث يقدر حجم هذه الاستثمارات بنحو 60 مليار دولار، موزعة على الكثير من القطاعات كالسياحة والأمن الغذائي والتعليم والصحة والصناعة والصناعات التحويلية.
وأكد أن تجارة الخدمات تلعب دورا مهما في العلاقات بين الجانبين وتتمثل بالأعداد الكبيرة من السياح الخليجيين الذين يزورن المملكة سنويا، بالإضافة إلى الطلاب الدارسين في الجامعات الأردنية، مشيرا الى وجود نحو 100 ألف أردني يعملون في دول الخليج، وتبلغ تحويلاتهم المالية السنوية للمملكة أكثر من 3.3 مليار دولار، ويحظون بكل التقدير والثناء لدورهم البناء في تنفيذ مشاريع القطاع الخاص ومشاريع التنمية الحكومية.
وأشار الى "أننا ننظر إلى العلاقات الاستثمارية والتجارية بين القطاع الخاص الخليجي والأردني كونها تنطوي على آفاق رحبة وواسعة، خاصة في ظل القيادة الرشيدة في الجانبين وقدرتها على توفير مختلف الحوافز وأشكال الدعم لتوسيع هذه الآفاق وترجمة توجهات قياداتنا السياسية الحكيمة للارتقاء بها لتكون أنموذجا لتكامل الاقتصاديات العربية".
وأعرب عن أمله بأن يحقق المؤتمر أهدافه في بناء شراكات قوية بين القطاع الخاص الخليجي والأردني، مبينا أن جلساته ستناقش العديد من القطاعات الحيوية مثل الأمن الغذائي واللوجستي، ما يتطلب إيجاد صناعات ومخازن وطرق مواصلات آمنة تؤمن الأمن الغذائي، علاوة على الاستفادة من التجارة الإلكترونية لتعزيز التجارة في القطاع الخاص بين الجانبين.
وأكد الرواس أن توجهات الاستدامة والاقتصاد الأخضر تفرض دراسة إقامة مشاريع خاصة في مجالات الطاقة الشمسية وتوجيه الاستثمارات الخليجية الأردنية نحو مشاريع الطاقة المتجددة، والعمل على مشروع الربط الكهربائي من الطاقة المتجددة وتعزيز التعاون في مجال ريادة الأعمال، وإقامة شراكات بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الخليجية والأردنية.
بدوره، قال رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، إن" المؤتمر يؤسس لمرحلة جديدة من العمل الاقتصادي مبنية على قواعد متينة تعبر بنا الى مستقبل مشرق، وتكون نواة لوحدة اقتصادية عربية شاملة تشكل مفتاحا وطريقا نحو الازدهار والرفاه، وبما يمكن من تعزيز العمل العربي المشترك وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية".
وأضاف، إن المؤتمر يعقد وسط ظروف استثنائية تمر على المنطقة ما يحتم علينا جميعا الوقوف صفا واحدا لمواجهتها"، مؤكدا أن الأردن يؤمن دوما بأن بناء الشراكات المتينة في جميع المجالات هو الطريق الأمثل لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا.
وأشار الى أن استضافة غرفة تجارة الأردن للمؤتمر والاجتماع 65 لمجلس إدارة اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، يمثل تجسيداً للعلاقات الأخوية العميقة التي تربط المملكة مع دول الخليج العربي بمختلف المجالات، لافتا إلى أن الغرفة تعمل دوما لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري مع دول الخليج العربي وبما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي ورؤى دولهم التي تسعى لتحقيق التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وأكد الحاج توفيق أن هذه الرؤى المشتركة تمثل أساساً قوياً لبناء شراكات استراتيجية في العديد من القطاعات الاستراتيجية، لا سيما التعدين والطاقة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات والنقل والسياحة والأمن الغذائي والصناعات الدوائية وغيرها.
واعتبر أن هذا المؤتمر يشكل منصة حيوية لتبادل الخبرات والرؤى الاقتصادية، ويعكس التزامنا الدائم بتوفير بيئة استثمارية جاذبة ومشجعة في الأردن، وتعزيز التعاون المشترك من خلال الفرص المتاحة بمختلف القطاعات"، مشيرا الى حرص الغرفة على إدامة عَقد المؤتمر سنوياً في المملكة في إطار تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين المملكة ودول الخليج العربي.
وأكد أن الغرفة تتجه لتنظيم المؤتمر في مدينة العقبة لاتاحة الفرصة للاطلاع على الفرص الاستثمارية الواعدة فيها، مشددا على ضرورة توظيف كل المشتركات التي تجمع المملكة ودول الخليج العربي لمصلحة الشباب، من خلال خطط طموحة تدعم الإبداع والريادة والأفكار الخلاقة، وتستفيد من الكفاءات وتبادل الخبرات.
وقال الحاج توفيق، إن الاستثمار في الشباب خيار لا مفر منه ويجب ترجمته على أرض الواقع، مبينا أن الأردن ودول الخليج العربي زاخرة بقوى شبابية متعلمة ومؤهلة وتبحث عن فرصة لإثبات ذاتها، ما يتطلب منا جميعا احتضانها والاستثمار فيها بوظائف غير تقليدية تلبي احتياجات المستقبل.